مناقشة أقوال المانعين لقتل المرتد... ~ مدونة الأخوة

a

عن الموقع

span id="st_finder">

تابعنا عبر البريد

الأربعاء، 8 يناير 2014

مناقشة أقوال المانعين لقتل المرتد...

|


لقد دلت نصوص الكتاب والسنة دلالة صريحة قطعية لا تحتمل صرفاً ولا تأويلاً على أن من آذى الرسول صلى الله عليه وسلم كافر مرتد، خارج من الملة الإسلامية، تجرى عليه جميع الأحكام المتعلقة بالردة ويقتل ولا تقبل توبته، مسلمًا كان أم كافرًا, هذا ما أجمع عليه علماء الإسلام, وإليك الأدلة على ذلك:
جاء في سورة التوبة: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمةَ الْكُفْرِ إِنَّهمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾ [التوبة:12].  ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة:65-66].



فسمى الطاعن في الدين: إماماً في الكفر، وهو زائد عن الكفر المجرد.. فدل أن الطعن بالدين كفر مغلظ.
قال القرطبي في التفسير: "استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدين؛ إذ هو كافر".
قال ابن كثير في التفسير [2/ 352]: "ومن هنا أخذ قتل من سب الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بنقص"، ومن الطعن ما يكون خفياً، وبالتلميح دون التصريح، لكن له نفس حكم الطعن الصريح.
وقال القرطبي في التفسير [8/ 206]: قال القشيري: "كلمة الكفر سب النبي صلى الله عليه وسلم والطعن في الإسلام، وكفروا بعد إسلامهم, أي: بعد الحكم بإسلامهم".
وقال ابن القاسم عن مالك: "من سب النبي صلى الله عليه وسلم قُتل ولم يستتب، قال ابن القاسم: أو شتمه، أو عابه، أو تنقّصه، فإنه يقتل كالزنديق. وقد فرض الله توقيره".
يقول القاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى [2/ 473-474]: "اعلم أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب أو الإزراء عليه، أو التصغير لشأنه، أو الغض منه والعيب له فهو سب له، وكذلك من لعنه أو دعا عليه، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمزه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه. وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة إلى هلم جرًا. وهذا ما أجمع عليه علماء المسلمين وأصحاب المذاهب الأربعة".
وقال أبو بكر بن المنذر: "أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل. ولا نعلم خلافاً في استباحة دمه بين علماء الأمصار وأئمة الأمة".
راجع: [الشفاء للقاضي عياض 2/ 474].
من يعيب نبينا صلى الله عليه وسلم أو يلعنه أو يسبه أو يستخف أو يستهزئ به أو بشيء من أفعاله كلحس الأصابع، أو يلحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو فعله أو يعرض بذلك، أو يشبهه بشيء على طريق الإزراء أو التصغير لشأنه أو الغض منه، أو تمنى له مضرة أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور.. أو غيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوار في البشرية الجائزة والمعهودة لديه، فيكفر بواحد مما ذكر إجماعاً، فيقتل ولا تقبل توبته عند أكثر العلماء، وقد قتل خالد بن الوليد رضي الله عنه من قال له: "عند صاحبكم" -المقصود بصاحبكم النبي صلى الله عليه وسلم - وعد هذه الكلمة تنقيصاً له.
راجع: [الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي 1/ 29-30].
وقد روي أن رجلاً قال في مجلس علي: "ما قتل كعب بن الأشرف إلا غدراً! فأمر علي بضرب عنقه".
قال القرطبي في [الجامع 8/ 84]: "قال علماؤنا هذا يقتل ولا يستتاب إن نسب الغدر للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك زندقة".
وفي [الشفا] للقاضي عياض: "من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به، أو شك في صدقه أو سبه أو قال: إنه لم يبلغ أو استخف به، فهو كافر بالإجماع [الشفا للقاضي عياض صفحة 582 و 608 و630 و633 و636].
وفي "المحلى" لابن حزم قال: "إن كل من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مرتد يقتل ولا بد"[المحلى لابن حزم 12/ 438].
قال الخطابي: "لا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله".
وقال حنبل: "سمعت أبا عبد الله، وهو الإمام أحمد بن حنبل يقول: "من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو انتقصه مسلماً كان أو كافراً فعليه القتل, وأرى أنه يُقتل ولا يستتاب".
وقد روي عن بعض  أهل العلم، منهم: ابن عمر، ومحمد بن كعب، ويزيد بن أسلم، وقتادة أنه قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك: «ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء؛ يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء. فقال له عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كنا نلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق, قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الحجارة لتنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، ما يلتفت إليه، ولا يزيد عليه» [الصارم والمسلول في شاتم الرسول31].
قال القرطبي في التفسير: "قيل: كانوا ثلاثة نفر هزئ اثنان وضحك واحد، فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم. قال خليفة بن خياط في تاريخه: اسمه "مخاشن بن حمير"، واختلف هل كان منافقًا أو مسلمًا. فقيل: كان منافقًا ثم تاب توبة نصوحًا. وقيل: كان مسلمًا، إلا أنه سمع المنافقين فضحك لهم ولم ينكر عليهم" [ تفسير القرطبي 8/ 199].
قال ابن العربي في [الأحكام 2/ 976]: "لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جداً أو هزلاً، وهو كيفما كان كفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة؛ فإن التحقيق أخو الحق والعلم، والهزل أخو والباطل والجهل".
وقال أبو بكر الجصاص في كتابه [أحكام القرآن 4/ 348]: "فيه الدلالة على أن اللاعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه؛ لأن هؤلاء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوا لعباً, فأخبر الله عن كفرهم باللعب بذلك".
وقال الكشميري في كتابه [إكفار الملحدين ص59]: "والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعباً، كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده، كما صرح به في (الخانية) و(ردِّ المحتار)".
سب الرسول أعظم من الردة، قاله ابن تيمية في كتابه: الصارم المسلول في شاتم الرسول: "أن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كونه من جنس الكفر والحراب أعظم من مجرد الردة عن الإسلام".
لأن من آذى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد آذى الله؛ لأن حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم متلازمان, وفي هذا وغيره بيان لتلازم الحقين، وأن جهة حرمة الله تعالى ورسوله جهة واحدة، فمن آذى الرسول صلى الله عليه وسلم فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله؛ لأن الأمة لا يصلون ما بينهم وبين ربهم إلا بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس لأحد منهم طريق غيره، ولا سبب سواه، وقد أقامه الله مقام نفسه في أمره ونهيه وإخباره وبيانه، فلا يجوز أن يفرق بين الله ورسوله في شيء من هذه الأمور [الصارم المسلول في شاتم الرسول لابن تيمية ص 40-41].
وهذه أقوال المذاهب الأربعة في المسألة  
من أقوال المالكية:
قال مالك في ذمي سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم : يُستتاب وتوبته الإسلام ، وقال مرة يُقتل ولا يُستتاب كالمسلم ) .
وذلك لأن سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلم أعظم كفراً كما قرره الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن (4/276) .
ولذا فإنَّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين الذي يأمر فيه بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ليدل على أنَّ المسلم أولى بهذا الحكم
تفسير القرطبي : (ج2/ص49) 
وقال ابن المنذر : أجمع عامة أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم عليه القتل ، وممن قال ذلك مالك والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي ... ورُوي أن رجلاً قال في مجلس عليٍّ : ما قتل كعب بن الأشراف إلا غدراً . فأمر عليٌّ بضرب عنقه . وقاله آخر في مجلس معاوية فقــام محمد بن مسلمة فقال : أيُقال هذا في مجلسك وتسكت ، والله لا أساكنك تحت سقف أبداً ، ولئن خلوتُ به لأقتلنَّه . قال علماؤنا : هذا يُقتل ولا يُستتاب إن نسبَ الغدر للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي فهمه علي ومحمد بن مسلمة رضوان الله عليهما من قائل ذلك ؛ لأن ذلك زندقة      ) .
2/ تفسير القرطبي ج8/ص82 
4/ ويذكر الإمام الذهبي مذهب مالك في سير أعلام النبلاء : (8/103) مؤسسة الرسالة – ط 9
قال مالك : لا يُستتاب من سبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من الكفار والمسلمين 
5/ جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل : (2/285-286 ) دار الفكر – ط2 
قال عياض : من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عابه ، أو ألحق به نقصاً في نفسه أو دينه أو نسبه أو خصلة من خصاله ، أو عَرَّضَ به ، أو شبَّهه بشيء على طريق السبِّ له والإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه أو العيب له فهو ساب له ، والحكم فيه حكم الساب يُقتل كما نبينه ولا نستثني فصلاً من فصول هذا الباب على هذا المقصد ولا نمتري فيه ؛ تصريحاً كان أو تلويحاً ، وكذلك من نسب إليه مالا يليق بمنصبه على طريق الذم ، ومشهور قول مالك في هذا كله أنه يقتل حداً لا كفراً ، لهذا لا تُقبل توبته ، ولا تنفعه استقالته وفيئته )
6/ ثم يستطرد صاحب التاج والإكليل (6/287) مبيناً أنه لا اعتبار لقصده فيقول وقال عياض : إن كان القائل لما قاله في جهته عليه الصلاة والسلام غير قاصد السب والازدراء ولا معتقداً له ، ولكنه تكلم في حقه عليه الصلاة والسلام بكلمة الكفر من لعنه أو سبه أو تكذيبه وظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد ذمَّه ، ولم يقصد سبه ؛ إما بجهالة حملته على ما قاله ، أو ضجر ، أو سُكر اضطره إليه ، أو قلة مراقبة أو ضبط للسانه وعجرفة وتهور في كلامه فحكم هذا الوجه حكم الأول دون تلعثم ) . أي : يُقتل بلا استتابة كما سبق ذلك له .

7/ وفيه (أي : التاج والإكليل) : 6/288
من سبَّ الله سبحانه ، أو سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر قُتل ولم يُستتب)
8/ وفي التلقين في الفقه المالكي لعبد الوهاب بن علي الثعلبي : (2/506 ) المكتبة التجارية بمكة – ط 1
ومن سب النبي صلى الله عليه وسلم قُتل ولم تُقبل توبته ) .
9/ وفي الكافي لابن عبد البر : (1/585) الكتب العلمية ببيروت – ط 1
(كل من سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم قُتل مسلماً كان أو ذمياً على كل حالٍ)
10/ وفي حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب : (2/412 – 213) ط دار الفكر
من عاب النبي صلى الله عليه وسلم أو ألحق به نقصاً " قُتل حداً إن تاب الخ " أي : أو أنكر ما شهدت به عليه البينة يُستعجل بقتله وإن ظهر أنه لم يرد ذمَّ النبي صلى الله عليه وسلم لجهل أو سكر أو لأجل تهور في الكلام، ولا يُقبل منه دعوى سبق اللسان ولا دعوى سهو أو نسيان ... وقيل : إنه يخير الإمام في قتل الساب المسلم أو صلبه حياً ... قوله " لأنه حدٌّ وجب فلا تسقطه التوبة " أي : كالزاني والشارب والقاتل والسارق سوى المحارب فإن حدَّ الحرابة يسقط عنه بإتيانه للإمام طائعاً ، أو ترك ما هو عليه . أما إن لم يتب فإن قتله كفر. اعلم أن ظاهر كلامهم أنه يُستعجل بقتل الساب ومثله الزنديق ولو كان قتلهما كفراً ؛ لأن التأخير ثلاثاً إنما هو في المرتد غيرهما )
11/ وفي بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك للصاوي : (4/241) دار الكتب العلمية - ط1
فمن سب النبي يُقتل مطلقاً ) .

12/ ويذكر الإمام ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (14/273) مكتبة المعارف ببيروت
في أحداث سنة 761هـ : أنَّ رجلاً كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم فرُفع للقاضي المالكي فأظهر هذا الساب جبناً وتقيةً ، فأمر الحاكم المالكي بقتله .
ومن أقوال الحنابلة في المسألة
13/ جاء في الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة : (4/159) المكتب الإسلامي ببيروت
وقال الخرقي : ومن قذف أمَّ النبي صلى الله عليه وسلم قُتل مسلماً كان أو كافراً ، وقال أبو الخطاب : هل تُقبل توبة من سب الله تعالى ورسوله ؟ على روايتين : إحداهما : لا تُقبل لأن قتله موجب السب والقذف ، فلا يسقط بالتوبة كحد القذف ).
14/ وفي المغني : (9/88) دار الفكر - ط 1
وقذف النبي صلى الله عليه وسلم وقذف أمِّه ردةٌ عن الإسلام وخروج عن الملة ، وكذلك سبه بغير القذف )
15/ وفي الإنصاف للمرداوي : (4/257 ) دار إحياء التراث العربي
قال الشارح : وقال بعض أصحابنا فيمن سب النبيَّ صلى الله عليه وسلم : يُقتل بكل حال ، وذكر أن أحمد نص عليه ) .
16/ وفي منار السبيل : (2/360) مكتبة المعارف بالرياض
قال أحمد : لا تُقبل توبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا من قذف نبياً أو أمَّه ؛ لما في ذلك من التعرض للقدح في النبوة الموجب للكفر )
ومما نقل عن الشافعية 
17/ ماورد في فتح الباري : (12/281 ) دار المعرفة ببيروت
(ونقل أبو بكر أحد أئمة الشافعية في كتاب الإجماع أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم مما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء ، فلو تاب لم يَسقط عنه القتل ؛ لأن حدَّ قذفه القتل ، وحد القذف لا يسقط بالتوبة ... فقال الخطابي لا أعلم خلافا في وجوب قتله إذا كان مسلماً ).
18/ وفي أحكام القرآن للجصاص الحنفي : (4/275) دار إحياء التراث ببيروت
(وقال الليث في المسلم يسب النبي صلى الله عليه وسلم : إنه لا يُناظر ولا يُستتاب ويُقتل مكانه
الرد على شبه القائلين بعدم قتل المرتد : 
لقد جاءت السنة الصحيحة بقتل المرتد فقد أخرج البخاري رحمه الله أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أُتى بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فقال : لو كنت أنا لم أحرِّقهم لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (لا تعذِّبوا بعذاب الله ، ولقتلتهم لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من بدّل دينه فاقتلوه[1]) .

وقام الصحابة رضي الله عنهم بتطبيق هذا الحكم ، فعندما زار معاذ بن جبل أخاه أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما ، وكانا أميرين في اليمن ، فإذا رجل موثق ، فقال معاذ : ما هذا ؟ قال أبو موسى : كان يهودياً ، فأسلم ثم تهوّد ، ثم قال : اجلس ، فقال معاذ : لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله (ثلاث مرات) ، فأمر به فقتل[2].


وانعقد إجماع الأمة منذ أواخر القرن الثاني الهجري على قتل المرتد، وهو إجماع يعتمد على السنة القولية وعلى عمل الصحابة وأقوالهم وأقوال التابعين. وقد ذكر الإجماع على قتل المرتد  النووي في المجموع[3] وكذا ذكره ابن قدامه في المغني[4]. 

يقول القاضي عياض : "وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من المالكية على قتل الحلاج وصلبه لدعواه الإلهية والقول بالحلول ، وقوله : "أنا الحق" مع تمسكه في الظاهر بالشريعة ، ولم يقبلوا توبته".

اعترض بعض الكتَّاب في عصرنا على هذا القول، وقالوا بعد وجوب قتل المرتد، ولهم في ذلك أدلة سأذكرها ثم أناقشها لبيان أن الحق خلاف ماذهبوا إليه

أدلة القائلين بعدم قتل المرتد
 أولاً : أن القرآن نفى الإكراه في الدين فالله سبحانه وتعالى يقول :" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" وقوله تعالى:" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ" فأساس الايمان هو التصديق القلبي والقناعة العقلية، وأنه لا يصح إيمان المقلد والمكره. وإجبار الناس على الايمان يؤدي بهم إلى النفاق.

 ثانياً : القرآن لم ينص على عقوبة دنيوية، بل قال الله تعالى : "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وقوله تعالى "إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً" وقوله تعالى: "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" وقوله تعالى: "وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" وقوله تعالى:"وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" فكيف نعاقبه في الدينا والله هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة.

 ثالثا:أن الرسول عليه الصلاة والسلام ما عليه إلا البلاغ والله تعالى هو الذي يحاسب عباده كما قال الله تعالى :" فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " وقوله تعالى :" إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " وقوله تعالى : " لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ " وقوله تعالى : " فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ " وقوله تعالى : " فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا "

رابعا:ينبغي أن تحمل عقوبة المرتد على من سعى لهدم مقومات حياة المسلمين أو حارب المسلمين قولا أو عملا أو خان البلاد لا على مجرد الارتداد. ويدل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" فالمفارق للجماعة هو من تمرد وعصى وحارب المسلمين وأتى بأقوال أو أفعال بقصد السعي في هدم المجتمع المسلم، وتقويض أركانه، والعمل بكل طريق على هدم مقوماته. فمناط العقوبة في الردة ليس هو "الخروج من الإسلام"، بل الاعتداء المادي أو المعنوي على الإسلام أو المسلمين بما يهدد أمن وسلامة الأمة.

:
 خامساً : لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقين الذين ارتدوا عن الإسلام بقلوبهم، مع إظهارهم الانخراط في جماعة المسلمين.

سادسا :أن حد المرتد يدخل في باب السياسة الشرعية التي يرجع أمرها للحاكم، وأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ( من بدّل دينه فاقتلوه ) هو من باب السياسة الشرعية التي لا تحمل صفة الحكم التعبدي الشرعي الدائم كالصلاة و الزكاة و غيرها، بل كان في ذلك الوقت مصلحة في قتل المرتد لردع ضعاف النفوس و خمد فتنة المنافقين .

مناقشة أقوال المانعين لقتل المرتد :

 أولا: ذهب كثير من أهل العلم أن قوله تعالى:" لا إِكْرَاهَ فِى الدين" أنها منسوخة، والناسخ لها قوله تعالى:" ياأيها النبى جاهد الكفار والمنافقين" وقوله تعالى:" ياأيها الذين ءامَنُواْ قَاتِلُواْ الذين يَلُونَكُمْ مّنَ الكفار وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين". وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام، وقاتلهم، ولم يرض منهم إلا بالإسلام.
والصحيح أن الآية محكمة غير منسوخة وإمكانية الجمع بين النصوص ممكنة، فلا يتجه للنسخ إلا إذا تعذر الجمع بين النصوص. فتحمل الآية على أن قتال الكفار ليس لإجبارهم وإكراهم على الإسلام بل هو لدفع غائلتهم.
والإشكال الوارد إذا كان الإيمان لابد أن يقوم على الرضا والاقتناع وانشراح الصدر فكيف يكره المرء على البقاء في الإسلام؟ أليس هذا تأصيل للنفاق في النفوس إذ يظهر خلاف ما يبطن؟ نقول: الإكراه المنفي هو الإجبار على الدخول في الإسلام، فلا أحد يدخل الدين مكرها؛ بل لابد أن يكون مختارا طائعا برضاه. قال ابن كثير :" أي: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا.[5]".
وأما قتل المرتد فهذا لأنه دخل الدين برضاه ثم نكص على عقبيه وفي هذا تلاعب بالدين. ولهذا اعتبر المفسرون أن الإكراه على البقاء ليس كالإكراه على الابتداء. قال ابن عاشور: "وحكمة تشريع قتل المرتد مع أن الكافر بالأصالة لا يقتل أن الارتداد خروج فرد أو جماعة من الجامعة الإسلامية فهو بخروجه من الإسلام بعد الدخول فيه ينادي على أنه لما خالط هذا الدين وجده غير صالح ووجد ما كان عليه قبل ذلك أصلح، فهذا تعريض بالدين واستخفاف به ، وفيه أيضا تمهيد طريق لمن يريد أن ينسل من هذا الدين وذلك يفضي إلى انحلال الجامعة، فلو لم يجعل لذلك زاجر ما انزجر الناس ولا نجد شيئا زاجرا مثل توقع الموت ، فلذلك جعل الموت هو العقوبة للمرتد حتى لا يدخل أحد في الدين إلا على بصيرة ، وحتى لا يخرج منه أحد بعد الدخول فيه ، وليس هذا من الإكراه في الدين المنفي بقوله تعالى : "لا إكراه في الدين" على القول بأنها غير منسوخة ، لأن الإكراه في الدين هو إكراه الناس على الخروج من أديانهم والدخول في الإسلام وأما هذا فهو من الإكراه على البقاء في الإسلام .[6]"
ثم نحن علينا أن نقف عند النص الشرعي فلا نلغي أي نص، فإن كان الله سبحانه وتعالى قال:" لا إِكْرَاهَ فِى الدين" فقد جاءت السنة وخصصت عموم هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من بدل دينه فاقتلوه" فخصص قوله تعالى:"لا إكراه في الدين" وبهذا نجمع بين النصوص ولا نلغي أي نص بل تسير النصوص كلها منتظمة في سياق واحد، وهذا هو الحق.
وتخصيص القرآن بالسنة جائز فكلاهما من الله تعالى كما قال ابن حزم: "فإن السنة مثل القرآن في وجهين: أحدهما: أن كلاهما من عند الله عز وجل على ما تلونا آنفا من قوله تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى". والثاني: استواؤهما في وجوب الطاعة بقوله تعالى: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" وبقوله تعالى "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" وإنما افترقا في ألا يكتب في المصحف غير القرآن، ولا يتلى معه غيره مخلوطا به، وفي الاعجاز فقط.[7]"
وتخصيص القرآن بالسنة كثير فمن ذلك ما أجمعت عليه الأمة من تخصيص قوله تعالى : " وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ " بقوله صلى الله عليه وسلم : "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها[8]". وتخصيص عموم قوله تعالى: " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ " بقوله صلى الله عليه وسلم : "لا يرث المسلم الكافر[9]" وتخصيص عموم قوله تعالى: " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا " بقوله صلى الله عليه وسلم :"لا قطع في ثمر ولا كثر[10]" وتخصيص عموم قوله تعالى:" أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ " بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ليس فيما دون خمس أواق صدقة[11]" وتخصيص عموم قوله تعالى:" مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ" بقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا وصية لوارث[12]" ونظائر ذلك كثير.
فآية الإكراه على الدين ليست على عمومها؛ بل هي مخصصة بمن كان مسلما ثم ارتد؛ فإنه يقتل ليتحقق الجمع بين الأدلة، فيحمل عموم الآية في عدم إكراه الكافر الأصلي على الدين، وبهذا القول يكون العمل بجميع الأدلة دون إلغاء لأحداها وتحقيق الامتثال بطاعة الله ورسوله.

ثانيا :القول بأن القرآن لم ينص على عقوبة دنيوية، فنقول: إن المصطفى عليه الصلاة والسلام قد نص على قتل المرتد وهي عقوبة دنيوية، والسنة هي أحد مصادر التشريع، وكثير من الأحكام لم ترد في القرآن وجاءت بها السنة. فالسنة مفصلة لما أجمل في القرآن كما قال الله تعالى :" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".
وقد حذر عليه الصلاة والسلام من رد السنة والأخذ فقط بالقرآن الكريم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال، فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. ألا، لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه [13] » وقال حسان بن عطية : كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة فيعلمه إياها كما يعلمه القرآن[14]"
قال الحسن في قوله تعالى : ويعلمهم الكتاب والحكمة: « الكتاب : القرآن ، والحكمة : السنة » وكذا قال قتادة في قوله تعالى : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة قال : « القرآن والسنة ». وعن المعتمر بن سليمان ، يقول سمعت أبي يقول : « أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كالتنزيل[15]». وقال الشافعي :"وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب، وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلق[16]"
قال القيم رحمه الله تعالى كلاما نفيساً في تفسير قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وأعاد الفعل إعلاماً بأن طاعة الرسول تجب استقلالاً من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً سواء كان ما أمر به في الكتاب أولم يكن فيه، فإنه أوتي الكتاب ومثله معه[17]"
فالله جعل طاعة رسوله كطاعة الله (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) وأمر بالرجوع والتحاكم الى سنة نبيه فقال تعالى: (واطعيوا الله والرسول وأولى الامر منكم فإن تنازعتن في شئ فردوه إل يا لله وإلى الرسول) وقال تعالى: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وحذر جل وعلا من مخالفة رسوله (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). وقال عز من قائل (ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذه النصوص توجب اتباع الرسول وإن لم نجد ما قاله منصوصا بعينه في الكتاب كما أن تلك الآيات توجب اتباع الكتاب وإن لم نجد ما في الكتاب منصوصا بعينه في حديث عن الرسول غير الكتاب. فعلينا أن نتبع الكتاب وعلينا أن نتبع الرسول واتباع أحدهما هو اتباع الآخر؛ فإن الرسول بلغ الكتاب والكتاب أمر بطاعة الرسول. ولا يختلف الكتاب والرسول ألبتة كما لا يخالف الكتاب بعضه بعضا قال تعالى: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [18].
فهل يسع المسلم بعد هذا أن يقول لا أخذ إلا ماورد في القرآن الكريم. إن الاقتصار على الكتاب الكريم دون الرجوع إلى السنة هو ضلال مبين وإنحراف عن طريق سبيل المؤمنين. فقد عمل الصحابة رضي الله عنهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلوا المرتد. فأبو بكر قد أمر بقتل المرتدين كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه :كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق[19]"
وكذا فعل عمر رضي الله عنه مع المرتد كما جاء في مصنف عبدالرزاق قال: أخذ ابن مسعود قوما ارتدوا عن الاسلام من أهل العراق، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب إليه :" أن اعرض عليهم دين الحق ، وشهادة أن لا إله إلا الله ، فإن قبلوها فخل عنهم ، وإن لم يقبلوها فاقتلهم ، فقبلها بعضهم فتركه ، ولم يقبلها بعضهم فقتله[20]."
وكذا قال عثمان رضي الله لما حصر قال : إنه لا يحل دم المسلم إلا بإحدى ثلاث : أن يقتل فيقتل ، أو يزني بعدما يحصن ، أو يكفر بعدما يسلم.[21]"
وكذا فعل علي رضي الله عنه مع المرتدين فإنه رضي الله عنه حرق قوما فبلغ ابن عباس فقال:" لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعذبوا بعذاب الله" ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من بدل دينه فاقتلوه[22]".
وكذا فعل معاذ وأبو موسى رضي الله عنهما ففي الصحيح عن أبي بردة عن أبي موسى أن رجلا أسلم ثم تهود فأتى معاذ بن جبل وهو عند أبي موسى فقال: ما لهذا. قال: أسلم ثم تهود. قال: لا أجلس حتى أقتله، قضاء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.[ 23]"
وكذا قالت عائشة رضي الله عنها فقد قالت أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا رجل زنى بعد إحصانه، أو كفر بعد إسلامه، أو النفس بالنفس24]"
فهذا فعل الصحابة رضي الله عنهم قد اتفق مع قول النبي صلى الله عليه وسلم فلم يلغوا قوله بحجة "لا إكراه في الدين" فهل فهم الخلف أعمق من فهم صحابة رسول الله؟ أم أنهم أكثر اتباعاً لكتاب الله من الصحابة الكرام؟ حتماً لا، بل فعلهم هو الحق ومخالفتهم هو الضلال وقد قال الله تعالى: " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"

ثالثا : إن الرسول عليه الصلاة والسلام ما عليه إلا البلاغ، نعم فهو مبلغ عن الله، ولكن لا يقتصر دوره عليه الصلاة والسلام بالبلاغ فقط؛ بل هو يقيم الحدود، ويزجر عن ارتكاب المحرمات، وهذا من إقامة الدين بين الناس، فقد قطع يد السارق ولم يكتف بأن السرقة حرام وأن السارق مرده إلى الله تعالى، وقد رجم الزاني المحصن ولم يقل أن الزاني مرده إلى الله تعالى مع إن الرجم لم يذكر في كتاب الله تعالى، وكذا المرتد فقد أمر بقتله مع إن حد القتل لم يذكر في كتاب الله تعالى، فالقائلون بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه البلاغ فقط دون محاسبة الناس عليهم أن يطردوا قولهم وأن يعطلوا حد السرقة وحد الرجم، فإن طردوا قولهم ردوا شريعة الله تعالى وإن لم يطردوا قولهم سقطوا في التناقض واتباع الهوى.

رابعا : قولهم أن قتل المرتد يكون فقط لمن سعى في هدم المجتمع المسلم، فهذا القول مخالف لظاهر النصوص الآمرة بقتل المرتد، فإننا نجد أن الأحاديث الآمرة بقتل المرتد ليس فيها أي دلالة على أن القتل إنما يكون فقط للمرتد المحارب. فلفظ الحديث " من بدل دينه فاقتلوه " لفظ عام يتناول كل من ارتد عن دين الإسلام سواء أساء للمسلمين أو لم يسئ، وقد جعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم السبب في قتله هو ردته لا محاربته للدين، فمن ادعى تخصيص العقوبة بالمرتد المحارب فعليه أن يأتي بالدليل المخصص. فلابد من الدليل وليس الإدعاء والتقول بدون علم ولا هدى؛ بل العلة في قتل المرتد هو الحفاظ على الدين وليس محاربة المرتد للإسلام والمسلمين. العلة هي الكفر والخروج من الإيمان ولهذا يستوي في ذلك الرجل والمرأة، فإن ارتدت المرأة فإنها تقتل وتدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام :"من بدل دينه فاقتلوه"، وأما حديث "لا تقتل المرأة إذا ارتدت" فهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل قال عنه الألباني: موضوع[25]. وقد استدل الشافعي بأن الموجب للقتل تبديل الدين بقوله صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه"، وهذه الكلمة تعم الرجال والنساء كقوله تعالى: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه"؛ لأن مثل هذا في لسان صاحب الشرع لبيان العلة[26].
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: " وأما المرتد فالمبيح عنده - أي الإمام أحمد - هو الكفر بعد الإيمان وهو نوع خاص من الكفر؛ فإنه لو لم يقتل ذلك لكان الداخل في الدين يخرج منه فقتله حفظ لأهل الدين وللدين فإن ذلك يمنع من النقص ويمنعهم من الخروج عنه بخلاف من لم يدخل فيه[27]" وقال أيضاً : "إن الردة على قسمين : ردة مجردة ، وردة مغلظة شرع القتل على خصوصها ، وكلتاهما قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها ؛ والأدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة لا تعمّ القسمين ، بل إنما تدل على القسم الأول (الردة المجردة) ، كما يظهر ذلك لمن تأمل الأدلة على قبول توبة المرتد ، فيبقى القسم الثاني (الردة المغلظة) وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبه[28]" وهذه العلة منضبطة ومطردة بخلاف علة الحرابة فإنها لا تصلح للتعليل لأنه لا ضابط لها  ولا علاقة لها بحد الردة؛ بل المسلم إذا سعى في الأرض فسادا فإنه يقام عليه الحد.
  خامسا : لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم المرتدين، لأن هناك سبب منع من قتل المرتدين، فقد قال رأس المنافقين عبد الله بن أبي والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه[29]" فلم ينكر على عمر رضي الله عنه طلب قتله وإنما قال منع تقتله لأنه أراد عليه الصلاة والسلام تأليف قلوب الناس خشية أن يثير بسبب قتله فتنة فينفر الناس عن الدخول في الإسلام. قال النووي رحمه الله: "إنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان في أول الإسلام يتألف الناس، ويدفع بالتي هي أحسن ، ويصبر على أذى المنافقين ومن في قلبه مرض.[30]" وقال ابن تيمية رحمه الله: "إزالة منكره بنوع من عقابه مستلزمة إزالة معروف أكثر من ذلك بغضب قومه وحميتهم ؛ وبنفور الناس إذا سمعوا أن محمدا يقتل أصحابه.[31]"
قال ابن القيم رحمه الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكف عن قتل المنافقين - مع كونه مصلحة - لئلا يكون ذريعة إلى تنفير الناس عنه ، وقولهم : إن محمدا يقتل أصحابه ، فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه ، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم ، ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل.[32]"
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أيضاً كلاما نفيساً في زاد المعاد قال: "فإن قيل فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل عبد الله بن أبي وقد قال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ولم يقتل ذا الخويصرة التميمي وقد قال له: اعدل فإنك لم تعدل. ولم يقتل من قال له: يقولون إنك تنهى عن الغي وتستخلي به. ولم يقتل القائل له: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله. ولم يقتل من قال له لما حكم للزبير بتقديمه في السقي: أن كان ابن عمتك، وغير هؤلاء ممن كان يبلغه عنهم أذى له وتنقص ...
قيل الحق كان له فله أن يستوفيه وله أن يسقطه وليس لمن بعده أن يسقط حقه، كما أن الرب تعالى له أن يستوفي حقه وله أن يسقط وليس لأحد أن يسقط حقه تعالى بعد وجوبه؛ كيف وقد كان في ترك قتل من ذكرتم وغيرهم مصالح عظيمة في حياته زالت بعد موته من تأليف الناس وعدم تنفيرهم عنه فإنه لو بلغهم أنه يقتل أصحابه لنفروا ، وقد أشار إلى هذا بعينه وقال لعمر لما أشار عليه بقتل عبد الله بن أبي :" لا يبلغ الناس أن محمدا يقتل أصحابه" وجمع القلوب عليه كانت أعظم عنده وأحب إليه من المصلحة الحاصلة بقتل من سبه وآذاه، ولهذا لما ظهرت مصلحة القتل وترجحت جدا ، قتل الساب كما فعل بكعب بن الأشرف ، فإنه جاهر بالعداوة والسب فكان قتله أرجح من إبقائه وكذلك قتل ابن خطل ، ومقيس والجاريتين وأم ولد الأعمى ، فقتل للمصلحة الراجحة وكف للمصلحة الراجحة فإذا صار الأمر إلى نوابه وخلفائه لم يكن لهم أن يسقطوا حقه.[33]"
وقد احتج الشافعى بمنع قتل المنافقين بقوله تعالى فى المنافقين: "واتخذوا أيمانهم جنة" قال: "وهذا يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل وقد جعل رسول الله  - صلى الله عليه وسلم -  الشهادة بالأيمان تعصم الدم والمال، فدل أن من أهل القبلة من يشهد بها غير مخلص، وأنها تحقن دمه وحسابه على الله.

وقد أجمعوا أن أحكام الدين على الظاهر، وإلى الله السرائر، وقد قال  - صلى الله عليه وسلم -  لخالد بن الوليد حين قتل الذى استعاذ بالشهادة:  « هلا شققت عن قلبه »  فدل أنه ليس له إلا ظاهره.
قال: وأما قولهم أنه  - صلى الله عليه وسلم -  لم يقتل المنافقين لئلا يقولوا أنه قتلهم بعلمه وأنه يقتل أصحابه، قيل: وكذلك لم يقتلهم بالشهادة عليهم كما لم يقتلهم بعلمه، فدل أن ظاهر الإيمان جنة من القتل.[34]"
قال ابن كثير :" قال القرطبي: وقد اتفق العلماء عن بكرة أبيهم على أن القاضي لا يقتل بعلمه، وإن اختلفوا في سائر الأحكام، قال: ومنها ما قال الشافعي: إنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم؛ لأن ما يظهرونه يجب ما قبله. ويؤيد هذا قوله، عليه الصلاة والسلام، في الحديث المجمع على صحته في الصحيحين وغيرهما: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، عز وجل". ومعنى هذا: أن من قالها جرت عليه أحكام الإسلام ظاهرا، فإن كان يعتقدها وجد ثواب ذلك في الدار الآخرة، وإن لم يعتقدها لم ينفعه في الآخرة جريان الحكم عليه في الدنيا، وكونه كان خليط أهل الإيمان "ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله"، فهم يخالطونهم في بعض المحشر، فإذا حقت المحقوقية تميزوا منهم وتخلفوا بعدهم "وحيل بينهم وبين ما يشتهون" ولم يمكنهم أن يسجدوا معهم كما نطقت بذلك الأحاديث، ومنها ما قاله بعضهم: أنه إنما لم يقتلهم لأنه كان يخاف من شرهم مع وجوده، عليه السلام، بين أظهرهم يتلو عليهم آيات الله مبينات، فأما بعده فيقتلون إذا أظهروا النفاق وعلمه المسلمون[35]"
وهذه العلة التي ذكرها علمائنا الكرام بينة وتتفق مع مقاصد الشرعة فإن من قواعد الشريعة تحمل أدنى المفسدتين لدرء أعلاهما.

سادسا : أن حد المرتد يدخل في باب السياسة الشرعية التي يرجع أمرها للحاكم، هذا القول يفتقر للدليل المعين والمبين، وما الضابط الذي اصنف فيه الأحاديث إلى تشريعي أو قيادي ؟ وهذه الضوابط لابد أن تكون منضبطة مطردة بحيث عندما أنظر إلى أي حديث استطيع أن أقول هل هو تشريعي أم قيادي، ولا يترك ذلك إلى الهوى والرأي، ونحن نقول: "من بدل دينه فاقتلوه" أنه سنة تشريعية لأن في ذلك صيانة للشريعة من التلاعب. والأصل بقاء قول النبي عليه الصلاة والسلام على عمومه حتى يأتي لنا دليل يخرجه من هذا العموم، ولا دليل.

ولو قلنا جدلا وتنزلا بهذا التصنيف وأنه من باب السياسة الشرعية فما الذي أخرج السنة القيادية من الامتثال والإتباع، فالأصل في أعمال الرسول هي الامتثال فالله يقول :" ما آتاكم الرسول فخذوه" فلماذا لم نأخذ السنة القيادية على وجه التعبد والامتثال، ما الحجة التي جعلت السنة القيادية للإباحة وليست للامتثال؟
إذا كان التصنيف يؤول إلى إلغاء الاتباع فهو تصنيف باطل غير صحيح، وهو نوع من المكر والتلاعب بالسنة، ثم إن علماء الأمة على مر مئات السنين لم يذكر أحد منهم أن هذا من باب السنة القيادية والتي يباح فيها ترك إقامة قتل المرتد، بل جاء إجماعهم على قتل المرتد، فهل كانوا جهلة لم يستطيعوا أن يدركوا هذا التصنيف وأن هذا الحديث من السنن القيادية التي يبيح لنا فيها عدم الامتثال؟
وهذا القول من أغرب الأقوال وأشدها شذوذا وبعداً عن الحق. إذا بهذا القول يفتح الباب لإلغاء ما يتعارض مع مقتضيات العصر ومتطلبات الزمان، ولكن بطريقة توهم أنها طريقة علمية فنقول هذا الحديث لا نعمل به لأنه ليس للتشريع وإنما فعله الرسول لضرورة العصر والوقت وليس التشريع وبالتالي أي توجه عالمي أو أي تتطلب حضاري نستطيع أن نتعايش معه باسم الإسلام؛ فالإسلام لن يكون عائقاً فنحن لن حق التصنيف والأخذ بما نشاء ونرد ما نشاء.

وتقسيم الإسلام إلى إسلام نص وإسلام تاريخ هذا الفرز ضابطه هو الواقع ومتطلباته يعني تشكيل الإسلام وفق الرغبات والاختيارات. ونحن يعلم أن الحكم الشرعي قد يتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والعادات، ولكن هذا في القضايا الاجتهادية التي لا نص فيها، فهذه تحكمها المصلحة أم هؤلاء ذهبوا إلى النص الشرعي ولم يقولوا بتأويله فحسب؛ بل ذهبوا إلى إلغاءه وقالوا هذا نص تاريخي اقتضتها الضرورة التاريخية والمصلحة السياسية، وهذه إشكالية كبري أن نغير النصوص الشرعية ونلغيها فقط بمرور الزمن.
الأحكام الشرعية تقوم على مبدأ تجاوز الزمن، فأحكام الشريعة مطلقة تستوعب الزمن الماضي والمستقبل، أقول هذا لأن هناك من حاول التخلص من عقوبة الموت بأن جعل الحكم تاريخي كما قال الشيخ الجاويش :" فهناك أحكام رافقت بدء ظهور الإسلام، و هي أحكام خاصةٌ بتلك الظروف، ذلك أن المرتدين عن الإسلام يوم بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى التوحيد كانوا يعودون إلى ما كانوا عليه من اليهودية أو النصرانية أو الوثنية، و كانوا إذ ذاك يلحقون بأقوامهم، ويحاربون المسلمين في صفوفهم أو يظهرونهم على عوراتهم" فهذه سقطة كبرى وهي باب لتعطيل النصوص الشرعية بربطها بزمانها الذي أنزل فيه النص، فلا يكون الدين صالحا لكل زمان ومكان.

 يصف هؤلاء العقلانيون الداعون لمنع إقامة الحدود بدعوى المصلحة   كل من يطالب بإقامتها بالتشدد والتطرف وبأنه منفر من الدين و لا يحترم الحريات وغيرها من العبارات التهكمية وأنه لايراعي مصلحة الدعوة ، لكن القائل بقتل المرتد مستند على نص شرعي مع إجماع فقهاء الأمة على ذلك فهل سلف الأمة وفقهائها متشددون ومتطرفون ومنفرون؟؟
 رحم الله سيد قطب فقد قال: ولقد تتحول مصلحه الدعوة إلى صنم يتعبده أصحاب الدعوة، وينسون معه منهج الدعوة الأصيل، إن على أصحاب الدعوة أن يستقيموا على نهجها ويتحروا هذ النهج دون التفات إلى ما يعقبه هذ التحري من نتائج قد يلوح لهم أن فيها خطر على الدعوة وأصحابها، فالخطر الوحيد الذي يجب أن يتقوه هو خطر الانحراف عن النهج لسبب من الأسباب، سواء كان هذا الانحراف كثير أو قليلا، والله أعرف منهم بالمصلحة وهم ليسوا بها مكلفين إنما هم مكلفون بأمر واحد ألا ينحرفوا عن المنهج وألا يحيدوا عن الطريق 
إن منع حد الردة يفتح الباب لأهل الضلال والزيغ أن ينشروا عقائدهم الضالة ويضللوا أبنائنا، فالأمة المسلمة من أولى واجباتها الحفاظ على عقائد الناس من الانحرافات، فاتخاذ الحزم وتطبيق حد الردة على من كفر بالله توقف أهل الشر عن نشر فسادهم في المجتمع المسلم..

-------------------------
[1رواه البخاري (2794)
[2أخرجه البخاري ومسلم
[3المجموع (19/228)
[4المغني (19/444)
[5تفسير ابن كثير (1/682)
[6التحرير والتنوير (2/273)
[7الأحكام لابن حزم (4/478)
[8اخرجه البخاري ومسلم من حيث أبي هريرة
[9اخرجه البخاري ومسلم من حيث أسامة بن زيد
[10أخرجه الخمسة وصححه الألباني
[11أخرجه البخاري ومسلم
[12رواه أحمد وأبوداود والترمذي وصححه الألباني
[13رواه أبو داود (3988) عن المقدام بن معدي كرب. وصححه الألباني
[14أخرجه الدّارميّ في «مسنده» (رقم: 594) وابن نصر في «السّنّة» (رقم: 102، 402) وإسناده صحيح.
[15الفقيه والمتفقه للبغدادي (1/293)
[16الرسالة (1/88)
[17إعلام الموقعين" (1/39)
[18مجموع الفتاوى (19/84)
[19أخرجه البخاري رقم (1312) ومسلم رقم (29)
[20أخرجه عبدالرزاق في مصنفه رقم (18708)
[21أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (18702)
[22صحيح البخاري رقم (2794)
[23أخرجه البخاري رقم (6624)
[24النسائي رقم (3952) وصححه الألباني كما في صحيح وضعيف سنن النسائي
[25السلسلة الضعيفة والموضوعة  (7 /291)
[26انظر المبسوط (12/241)
[27مجموع الفتاوى (20/102)
[28الصارم المسلول ( 3 / 696 )
[29صحيح البخاري رقم (4525)
[30شرح مسلم (8/76)
[31مجموع الفتاوى (6/338)
[32إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/347)
[33زاد المعاد (3/386)
[34شرح البخاري لابن بطال (16/122)
[35تفسير ابن كثير (1/179)




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Get The Fixed Menu Gadget
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
back to top