اللهم بقلبها لا بلسانها ..!! ~ مدونة الأخوة

a

عن الموقع

span id="st_finder">

تابعنا عبر البريد

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

اللهم بقلبها لا بلسانها ..!!

|



         دعت امرأة لابنها أمام الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - فخانها التعبير فدعت عليه ، وهي تريد الدعاء له بالشفاء من مرضه ، فقال الإمام : اللهم بقلبها لا بلسانها .. أي تقبل منها الذي نوته بقلبها ، لا ما نطقته بلسانها .
تريث وإعذار، وتجاوز حسن ، وفهم صائب ، وتصويب جميل ، لا عجلة فيه أو تسرع ، ولا وقوف معه عند العثرات والأخطاء ، ولا تصيد في الماء العكر .. ما دام في الأمر متسع ، وما كان للحمل على الوجه الأحسن احتمالات أخر.


نعم ، منهج مبهج ، وسنة حميدة ، وخصلة أصيلة ، وخلق كريم ، أن تسد العثرات ، ويقوم الخطأ ، ويصحح المسار بنية حسنة ، وظن لا ريبة فيه ، وقول بالمعروف لا اتهام معه .
إننا بحاجة لهذا الهدوء والاتزان ، والعفة في اللسان ، والعمق في النظر، والحسن في الظن ، والدقة في التمحيص ، حفاظاً أولا على سلامة صدورنا ، والارتقاء بإيماننا ونقاء قلوبنا، وصفاء سرائرنا ، ثم حفاظاً على الآخرين ثانياً ، فلا نبوء بإثم رميهم  بالفسق أو الفجور ، وهم برآء من ذلك .. وأن لا نحمل الأمر على غير وجهه ، إن كان له في الحسن باب واحد .. فكيف إن كان له فيه أبواب متعددة ؟!
وأن لا نحمل الأمر أكثر مما يحتمل تهويلاً وإثارة وصخباً كصخب أبناء الشوارع، وضجيجاً كضجيج أبناء الحانات .. الذين لا ينكرون منكراً ، ولا يعرفون معروفاً.. سبيلهم صوت منكر ، ولفظ سيئ مستنكر.. فإن كان هذا الأمر مستغرباً من هذه الفئة فإن الواجب يقتضي أن يتنزه عنه الذين انبروا لحمل رسالة الخير.. ورفعوا راية الدعوة إلى الله تبارك وتعالى..
وأن لا نحمل الأمر على ظاهره ، وأن لا نقع فريسة الحكم على الآخرين بناء على لفظ خانه فيه التعبير ، أو تصرف لم يحسن فيه التدبير ، أو موقف لم يدرك كنهه، أو تعجل لحظة غضب عارمة .. عندما يسرع أحدنا فينصب من نفسه ( قاضيا ) يصدر أحكاما قطعية يكون بموجبها كثير من عامة الناس والعلماء في حكم الخارجين والمارقين.
وهنا نتوقف مع أئمة السلف للوقوف على منهجهم في مثل هذه الحالات : يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله : " إن القول قد يكون كفراً فيطلق بتكفير صاحبه فيقال : من قال كذا فهو كافر ، لكن الشخص المعني الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر بتاركها وهذا كما في نصوص الوعيد فإن الله سبحانه وتعالى يقول : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً " (النساء : 10) فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد ، فلا يشهد لمعين من أهل القبلة بالنار بجواز أن لا يلحقه الوعيد فوات شرط ، وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه. وقد يشفع فيه شفيع مطاع ، وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله تعالى بها " .
ما أحوجنا أن يكون هذا المنهج منهجنا ، والطريق المؤدي إليه طريقنا ، ما أجمل أن نبادر من حيننا إن رأينا زلة أحدهم للقول : .. " اللهم بقلبه لا بلسانه .. اللهم بنيته لا بفعله !! " .


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Get The Fixed Menu Gadget
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
back to top