
وهذا الموقف من سعد ـ رضي الله عنه ـ يذكرنا بموقف مشابه
وقع للإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -، فقد كان أحد المحدثين - وهو محمد بن
العلاء المشهور بأبي كريب - يقع فيه، فدخل مرةً بعضُ طلبة الحديث على الإمام أحمد؛
فقال: من أين أقبلتم؟ قلنا: من مجلس أبي كريب، فقال: اكتبوا عنه؛ فإنه شيخ صالح،
فقلنا: إنه يطعن عليك! قال: فأي شيء حيلتي؟! شيخ صالح قد بلي بي (سير أعلام
النبلاء (11/317))
إن ما بيننـا لم يبلـغ ديننا!!
جلال وكمال
وجمال....
جلال في
الفقـه.....
وكمال في
الفهم...
وجمال في
السلوك والتوجيه....
نعم، إن
ما بيننا من خصومة، أو خلاف، أو تنافر، أو حدة، لم يبلغ ولن يبلغ ديننا، إنه لايخرج الأخ من دائرة الإيمان، حتى أستبيح عرضه ودمه وماله، وأحل غيبته ونميمته،
والتشهير به...إنه ما زال مسلماً حرام الدم، حرام العرض، حرام المال، لا يجوز ذمه،
ولا تحلّ غيبته، بل وتجب نصرته، وتتأكد أخوته، وتتحقق في القلب محبته...(لا يؤمن
أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
***********
إن ما بيننـا لم يبلـغ ديننا!!
فقه كريم
ساد به القوم، وعلت به رتبتهم، وارتفع على كل لسان ذكرهم، وسارت بوحدتهم الركبان،
وبصفهم المتماسك الفرسان، ينبئك جمعهم عن جمعهم أنهم قوم متميزون، وجيل فريد...فأنى
يسبق؟!
***********
إن ما بيننـا لم يبلـغ ديننا!!
يؤكد حرمة
الدين، وأنه الخط الأحمر، الذي لا يجوز تجاوزه بحال من الأحوال، وينبغي الوقوف عند
حدوده، إنه العاصم، الذي يعصم الأخوة، ويحفظ حقوقها، ويعلي شأنها، ولا يتجاوزها
أحد، إلا حين تتراخى عرى الدين، وتنتقض أركانه، ويتناقص تأثيره، بسبب فهم خاطئ أو
هوى مسيطر...
***********
إن ما بيننـا لم يبلـغ ديننا!!
حفظ
أخوتهم، وبالتالي حفظ صفهم، فوحده، وقوى كلمتهم، وزاد لحمتهم، فلم ينجروا وراء
شياطينهم وأهوائهم والباغين لصفهم شرذمة وضعفاً، فما فشلوا وما ضعفوا، وما ذهبت
ريحهم...بل كانت أخوتهم حصناً منيعاً، وسداً قوياً، وشجرة طيبة ضربت في الأعماق
جذورها، وبسقت في السماء أغصانها، فأورقت وأينعت، وطاب أكلها، وزاد ظلها..فنعمت
بها القلوب، واتحدت بها الصفوف.
***********
إن ما بيننـا لم يبلـغ ديننا!!
الرد
الحاسم القاطع، الذي يُصفع به وجه كل من أراد أن يتصيد في الماء العكر، فيذكي الخلافات،
ويؤكد المشاحنات، ويقطع العلاقات، ويسعى في ركاب الشياطين....
ما أجمل
هذه الصفعة، لأمثال هؤلاء، الذي لا يستحقون المجالس، ولا يكرمون بالمجالسة، فضلاً
عن أن يوسع لهم أو يفسح، أو أن يسمع كلامهم.
إن الدعوة
تكرم بصفعتهم، والجماعة تحفظ بإسكاتهم، والصف يسمو ويتحد بإبعادهم، والقلوب تقوى
رابطتها بغيابهم ...
نعم، إن
قلوب هؤلاء مريضة.. رضيت أن تكون وعاء الفتنة، ومنطلق الكراهية، ومبعث الفساد
والإفساد.
فاحرص....أن
لا تكون معها، فالسكوت علامة الرضا، والسماع دليل المشاركة !!!
***********
إن ما بيننـا لم يبلـغ ديننا!!
شعارا للأخوة الإيمانية فارفعه..وتمسك به، واجعله سداً قوياً في وجه العابثين، وحصناً
منيعاً لك ولصفك .
0 التعليقات:
إرسال تعليق