مما
أُثر عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قوله للذين يتصيدون في
الماء العكر، ويتتبعون زلات الناس. ويضخمون أخطاءهم، ويخفون حسناتهم، ويغفلون عن
عيوب أنفسهم ونقائصها - :
ما أسوأه من خلق !
أن
يشتغل المرء بعيوب الآخرين -يحصيها ويعدها، ويتحدث بها- عن عيوبه التي ربما لو نظر
إليها بصدق وتجرد لوجدها عظيمة وكثيرة، تصغر بجانبها عيوب الآخرين، وسيجد فيها
حتماً ما يشغله عن تتبع الآخرين..
ينحدر
به المرء من مستوى الأنفة والرفعة إلى مستوى " الذبابة " التي لا تقع
إلا على القاذورات، والأوساخ، وما أهمله الناس مكشوفاً مما تأباه النفوس الكريمة ،
وتأنف منه.
ما أسوأه من خلق!
يقذف
بسببه المرء الآخرين بشهب حارقة، وألسنة سليطة. وكلمات لاذعة.. ناسياً أن للناس ألسنة يمكن أن تصبح سليطة ، وأن في كناناتهم سهاماً ، يمكن أن تكون مسمومة قاتلة.. وينسى
كذلك أن لهم عيوناً حادة، يمكن أن تبصر
عيوبه وأخطاءه ، التي لا يخلو منها مخلوق.. إذ إن العصمة لمن عصمهم الله فقط.. من
الأنبياء والرسل.. وما دونهم ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " كل ابن
آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ".
ما أسوأه من خلق!
تطغى
به السيئات على الحسنات، ويظهر القبح ، ويستتر الجمال ، وتذهب -بفضله- سابقة أصحاب
السابقة ، فلا تشفع لهم ، ولا تدفع عنهم.
ما أسوأه من خلق!
تحمد
به فعال وخصال إن صدرت عن قوم نحبهم ويميل بنا هوانا إليهم .. وهذه الفعال نفسها
تصبح ذميمة مكروهة إن صدرت عمن اختلفنا معهم ، أو خالفونا برأي أو موقف ..
ما أسوأه من خلق!
لا نرى
فيه عيوبنا ، ونغمض به عيوننا عن عيوب فريق قد تكون كبيرة وخطيرة لكن ( العصبية )
تقتضي أن نهون
من شأنها، أو أن نعتذر عنها، في حين لا يمكن أن يحدث مثل هذا أو جزء منه مع فريق
آخر، مهما تلاشت عيوبه ، أو صغرت أخطاؤه!!
حري
بالدعاة المخلصين إن ينأوا بأنفسهم عن هذا الخلق الذميم ، وأن يعملوا بوصية الإمام
الشافعي - رحمه الله- التي نظمها بأبيات شعرية جميلة إذ يقول:
اذا أردت أن تحيا سليما من الاذى
وحظك موفور وعرضك صين
وحظك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرأ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك ان أبدت اليك مساوىء
فصنها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسن
0 التعليقات:
إرسال تعليق