ذُكر عن الإمام مالك - رضي الله عنه -أنَّه قيل له : يا أبا عبد الله الرجل يكون عالما بالسنة أيجادل عنها ؟ قال : لا ، ولكنَّه يخبر بالسنة ، فإن قبلت وإلا سكت .
وهذه حقيقة واقعية أنَّ طالب الحق إذ سمع السنة قبلها ، وأمَّا المعاند والمكابر فلا يقنعه أقدر الناس على الجدال
أخي
بالجدال تخسر المجال ، والداعية ليس في حاجة إلى أن يخسر الناس ، قال عبد الله بن الحسن ـ رحمه الله ـ : " المراء يفسد الصداقة القديمة ، ويحل العقدة الوثيقة ، وأقل ما فيه أن تكون المغالبة ، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة " حتى لو كان المجادل محقا ، ينبغي ترك الجدال .
أخي
ضع نفسك موضع المخطئ ثم ابحث عن الحل .
حاول أن تعرف كيف يفكر الآخرون ، من أي قاعدة ينطلقون ؟ فحينئذٍ تكون قد عثرت على نصف الحل ، ضع نفسك موضع المخطئ ، حاول أن تفكر من وجهة نظره هو ، فكر في الخيارات الممكنة التي تتقبلها واختر له ما يناسبه
وهذه الطريقة المثلى في الاعتذار عن الآخرين ، وبها يسلم صدرك . وهي أمارة على حسن الظن فتأمل !!
أخي
ما كان الرفق في شئ إلا زانه .
فالله رفيق يحب الرفق ، وما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فظاً ، ولا غليظاً ، ولا معنتاً ، ولا متعنتا بل كان ـ بأبي هو وأمي ـ معلماً ميسراً .
والله ـ جلا وعلا ـ لا يضع رحمته إلا على رحيم ، والمؤمن هين لين ؛ لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -للأشج بن قيس : كما في مسلم " إنَّ فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة " وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إذا قيد انقاد ، وإذا أنيخ على صخرة استناخ " (أخرجه العقيلي في الضعفاء وابن المبارك في الزهد والبغوي في شرح السنة . وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في الصحيحة (936)
أخي
إننا بحاجة لشيء من العطف على أخطاء الناس أو حتى حماقاتهم ، نريد شيئاً من الود الحقيقي لهم ، نبغي شيئاً من العناية غير المتصنعة باهتماماتهم وهمومهم .
أخي
دع الآخرين يتوصلون لفكرتك .
عندما يخطئ إنسان فقد يكون المناسب في تصحيح الخطأ أن تجعله يكتشف الخطأ بنفسه ثم تجعله يكتشف الحل .
يقول ابن الجوزى : " تأملت حرص النفس على ما منعت منه ، فرأيت حرص النفس على ما منعت يزيد على قدر قوة المنع .
رأيت في الأول أنَّ آدم ـ عليه السلام ـ أبيحت له الجنة بأثمارها ومنع من شجرة حرص عليها مع وجود الأشجار المغنية عنها .
قال تعالى : " وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين" ، ولكنَّه أكل من هذه الشجرة ، وفي المثل القديم : المرء حريص على ما منع ، وتواق إلى ما لم ينل .
وقالوا : أحب شئ للإنسان إلا ما منع .
فلما بحثت عن سبب ذلك وجدت سببين :
أحدهما : أنَّ النفس لا تصبر على الحصر ، فإنَّه يكفي حصرها في صورة البدن ، فإذا حصرت في المعنى بمنع زاد طيشها ، ولهذا لو قعد الإنسان في بيته برغبته شهرا لم يصعب عليه ، ولو قيل : لا تخرج من بيتك يوماً لصعب عليه وطال عليه .
الثاني : أنًّ النفس يشق عليها الدخول تحت حكم ، ولهذا تجد النفس تستلذ الحرام ، ولا تكاد تستطيب المباح ، يسهل عليها التعبد بالبدعة ؛ لأن ذالك ما تراه
أخي
انتبه لهذا الأمر جيداً ، دع الناس يتوصلون إلى فكرتك ويقنعون بها أنفسهم دون أن تظهر ذلك لهم ، فسوف يظن أنَّ الأمر من قبل نفسه فيذعن لفكرته أكثر من استجابته لنصحك إياه .
أخي
عندما تنقد اذكر جوانب الصواب .
حتى يتقبل الآخرون نقدك المهذب وتصحيحك للخطأ أشعرهم بالإنصاف بأن تذكر خلال نقدك جوانب الصواب عندهم .
ففي صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " نعم الرجل عبد الله لو كان يصلى من الليل. قالت حفصة : فكان بعدُ لا ينام إلا قليلا.
أخي
لا تفتش عن الأخطاء .
حاول أن تصحح الأخطاء الظاهرة ، ولا تفتش عن الأخطاء الخفية لتصلحها ، لأنَّك بذلك تفسد القلوب ، وقد نهي الشارع عن تتبع العورات .
ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ، ولا تطلبوا عوراتهم ، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته "( أخرجه الإمام أحمد (5/279) عن ثوبان - رضي الله عنه -، وقال الهيثمي في المجمع (8/87) رواه أحمد ورجاله الصحيح غير ميمون بن عجلان وهو ثقة.
و روى ابوداوود (والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع) عن معاوية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم "
أخي
استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن والتثبت .
إذا بلغك خطأ عن إنسان فتثبت منه ، واستفسر عنه مع إحسان الظن به ، فأنت بذلك تشعره بالاحترام والتقدير ، كما يحس هو - في الوقت ذاته - بالخجل والحياء أن حدث مثل هذا الخطأ منه.
يمكنك في هذه الأحوال أن تقول مثلاً : زعموا أنَّك فعلت كذا ، ولا أظنه يصدر من مثلك .
قال عمر - رضي الله عنه - : " يا أبا إسحاق زعموا أنَّك لا تحسن تصلي ، وأنا أنأى بك عن ذلك " .
وهذا عندما اشتكى أهل العراق واليهم من قبل عمر - رضي الله عنه -سعد بن أبى وقاص - رضي الله عنه - فقال سعد :"والله إني لآلو أنِّي أصلى بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. المقصود لابد من استسفسار ، وعليك أن تسوقها بمعرض الحديث ، وأحسن الظن به وتثبت.
أخي اجعل الخطأ هينا ويسيرا وابن الثقة في النفس لإصلاحه .
أخي تذكر أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم .
هذه غريزة بشرية ، فالإنسان عبارة عن جسد وروح ، تلك الروح مليئة بالعواطف الجياشة فله كرامة وكبرياء ، لا يحب أن يهان أو تجرح مشاعره حتى لو كان أتقى الناس .
لما بلغ أسيد الساعدى فتوى ابن عباس في الصرف أغلظ له في الكلام فقال له ابن عباس : ما كنت أظن أنْ أحداً يعرف قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لي مثل هذا يا أبا أسيد .
أخي
لاحظ هذا في تعاملاتك ومحاولاتك لتصحيح الأخطاء ، واجعل من ذلك عذرًا للناس إن هم أعرضوا ولم يستجيبوا .
فهذه قواعد في معالجة الأخطاء ، فحاول من الآن أن تعتادها ، وأن تجربها في تعاملاتك مع الآخرين ، فإنك واجدٌ خيراً كثيراً بإذن الله ، وهذا ليس محض دعوى ، بل عن تجارب عديدة ، فالزمها فإنَّ ثمَّ سلامة الصدر وراحة البال .. فتدبر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق